درس البطل جمال بن الصديق، من القتال ضد السرطان الى القتال ضد ريكو

 

درس البطل جمال بن الصديق

.

لا يعرف المعافى من الناس معنى الخضوع للادوية السامة والعمليات الطبية ......

هل سمعت يوما عن شخص أصيب بالسرطان فقرر أن يكون بطلا على أعلى مستوى في رياضة تشترط اجساما في قوة الدبابة و التركيز و عزيمة كالحديد إلا أن يكون على درجة من الايمان لا تستوعبها الكلمات !!؟؟

.

ماذا نتعلم من "مريض" يخوض حروبا دائمة ضد المرض اللعين الذي يختفي مدة ثم يعود في دورة أخرى ; وبالرغم من ذلك يسطر المبتلى هدفا إسثنائيا في حياته !!؟؟

.

لو كان بن الصديق من كوكب اليابان أو من أمريكا لما ارتاحت عينك من مشاهدة البرامج الوثائقية عن إيمانه باهدافه .

وربما نتذكر لانس آرمسترونج ( Lance Armstrong)‏ الذي وصل درجة التقديس في أوروبا وأمريكا بسبب عدم الأستسلام لسرطان الخصية عام 1996 والاستمرار في الطريق الشاق و الفوز عدة مرات بسباق طواف فرنسا ثم مشاركته في التوعية بشأن السرطان.

وكان آرمسترونج سيجلس إلى جانب الأسطورة محمد علي ويدخل التاريخ مع الذين قاوموا بالرياضة لولا تورطه في المنشطات .

.

بدأ إمتحان بن الصديق بالابتلاء في 2011 و انتصر في الجولة الأولى ؛ ثم عاد على المرض اللعين إليه في 2015 وأنتصر جمال مرة أخرى ....

و ما بين التشخيصين تعرض بن الصديق لابتلاء خرج من تربة أخرى؛ إذ صدمت سيارته شابا يركب دراجة ...رأى الضحية يلفظ أنفاسه الأخيرة أمامه و هو لا يستطيع أن يقدم له أدنى مساعدة .... .و لطالما وصف بن الصديق الحادثة المميتة بأنها أسوأ صدمة في حياته.

.

وفي أخر مراحل التداريب لمباراة ثانية كانت ستجمعه مع البطل "فيرهوفن" في نهاية 2020 ؛ تعرض بن الصديق لاصابة خطيرة في ظهره تستدعي عملية جراحية؛ فنزل الابتلاء من جديد و ألغيت المبارة بعد كل هذا الجهد و العناء .

.

وهنا ستنضاف كارثة كبرى; فقد وجب تأجيل العملية لأن بن الصديق دخل السجن بصفته عميلا و ضحية لشركة (Sky Global ) الكندية التي تبيع هواتف مشفرة، وهي قضية عالمية.

وتستمر سلسلة الامتحانات الربانية عندما إنتهى المطاف بالبطل إلى زنزانة يتقاسمها مع شخصين آخرين و نام على سرير يبلغ طوله 1.80 مترًا ، أي أقصر بـربع المتر (25 سم) من جمال نفسه.!!

قضى بن الصديق شهرًا ونصف في الزنزانة; و عندما أطلق سراحه بدأت حالته الصحية تضطرب ليُظهر الفحص الطبي هجوم السرطان عليه في بداية 2021 .

.

توقف كل شئ بعد عودة المرض و تعين عليه القعود في البيت لا يفعل شيئًا لأسابيع..... يصف بن الصديق حالة الاكتئاب : " لأول مرة في حياتي ، لا أشعر بارتداء القفازات ، و كانت أصعب شيء بالنسبة لي لأن رياضتي هي شغفي."

.

و كي يخرج من الدوامة قرر بن الصديق الانتقال إلى إلى بيئة جديدة تساعده أيضًا على التركيز و الاستمرار في إتجاه الهدف ; فغادر ناديه ( Hemmers Gym) إلى شمال هولندة في أمستردام ليبدأ التدريب مع مدرب جديد .

.

لم تكن المبارة بين ريكو وبن الصديق في البرنامج وانما جاءت بعدما إنسحب خصم فيرهوفن في الأسبوعين الأخيرن.

وكان على المنظمة أن تملأ الفراغ ببديل ذي قيمة ؛ فاتصلوا بابن الصديق الذي وافق على عدم تفويت الفرصة.

.

دخل بن الصديق نزال البارحة وهو يقاوم تبعات العلاج المسمم وكذلك المحن التي تترك بصماتها على المستوى النفسي .

.

قبل المبارة قال " ريكو فرهوفن " عن بن الصديق "إن بن الصديق فائز بالفعل... كان عليه أن يحارب هذا المرض وتعافى ثم واصل ممارسة الرياضة على أعلى مستوى ولايمكنني إلا أن أحظيه بالكثير من الاحترام لذلك ".

.

(Verhoeven. : „Hij is al een winnaar. Hij heeft tegen die ziekte moeten strijden en is er weer bovenop gekomen. Hij is op het hoogste niveau blijven sporten. Ik kan daar alleen maar veel respect voor hebben.”).

.

ويكبر في العين بن الصديق الذي يرجع عزيمته و محاولته الوقوف كل مرة الى فضل الله تعالى عليه.

.

كل انسان يقاوم مرضا مستعصيا أو إعاقة بالتفاؤل و الرضا و التشبت بهبة الحياة فهو بطل يفوق كل الرياضين في العالم ؛ اللهم أسعد هؤلاء الأبطال بالرضى و الشفاء وكن لهم وحقق رجائهم .

.

درس أخر:

=====

يعلق الكثيرون عن مباراته بسطحية ; و عن غياب النفس الطويل (السوفل) أو قلة التدريب أو سوء التكتيك أو قلب الدجاجة وجسم الدبابة إشارة إلى الوزن الذي لا يناسب نشاط القلب !!! وكأنهم علماء الفيزيولوجيا ...

.

تضع التعاليق حول حادثة كهذه تشخيصا لبنية "المخ " المغربي .

مخيخ صنعته ماكينة "الأخ الأكبر "; يعادي التساؤل عن المسار و لا يبالي بسهر الليالي و المشي بين الحفر و لكن ينظر إلى لحظة الامتحان فقط ; و يحلل لحظة السقوط اكثر من السبب; مخيخنا يستعجل و لا يتحمل التأمل في شرف الايمان بالقضية .

.

لذلك يقول المغربي : "نمشي لفرنسا و نجي و نفتح قهوة ".

.فيختزل مسيرة 20 سنة من الشقاء في نهايتها ولا يحدثك كيف تكون مسيرة الجهد من أجل العطاء ..

ولذلك أيضا يخدعنا أهل السياسة بكلمة أو جملة : (غي نجحوا ونخدموكم ) ... فيسوقنا سدنة الاخ الأكبر كالغنم بذكر نهاية الحلم بدل أن نسألهم عن عن الأسباب والمنطلقات و المسار ..

لم نتعلم في البيت والمدرسة والمسجد التحفيز الذي يجعلنا ننطلق، وانما تربينا على تقديس العادة (كالجلوس في المقاهي ) تجعلك مستمرا فيما بدأته.

برمجنا المسيطرون على التشاؤم فصرنا نقلب كل فرصة إلى فرصة للسقوط فقط ؛يتبعها الاستسلام الذاتي طبعا ثم العبودية المختارة .

.

تحية انكشارية

.